الثلاثاء، ١١ سبتمبر ٢٠١٢

حديث الحياء



نشرت احدى الصديقات على الفيس بوك صورة لمجموعة من الفتيات يحملن يافطة تقول "ان كانت رجولتك مشروطة بغشاء بكارتي, فهي حتما معدومة بزواله." كانت رسالة صادمة في باديء الامر ولم يتعد ذلك بضع ثوان ثم وجدت نفسي اعيد نشرها دون ادنى شعور بالتردد او ان اكون قد انتقصت من حيائي شيئا او حتى خدشت بهذا الفعل حياء الاخرين.

هل اكون بذلك شاركت في جريمة نشر الوقاحة بين افراد المجتمع الذي انتمي اليه باختلاف الوانه. ممكن!

وكالعادة, هناك من صفق وهناك من وبخني قائلين "أين الحياء؟ اللي تمسك يافطة زي دي تغور لو عندها الف غشاء. فيه طرق كتير للتهكم والنقاش" وقول اخر "ممكن ندافع عن وجهة نظرنا بس بطريقة مجتمعنا يتقبلها ماتنسيش مهما كان احنا في مجتمع شرقي وحتى الحرية نفسها ليها حدود."

والمضحك في الأمر قامت احداهن بنشر الصورة على صفحتها قلت لنفسي ساخرة "كاد الحياء ان يكون استكا"

جلست افكر ناظرة الى الصورة وماتحملها من معاني وحاولت استيعاب الجزء الصادم بها. هل هي استخدام مفردات بعينها وشخصنتها مثل غشاء بكارتي في العلن وزجها في اطار ينتقص من رجولة رجل اعتقد ان في غشاء بكارة المرأة حياة وبدونه هي بالكاد انسان؟ ما هو الصادم بالتحديد؟ هل الكلمات ام المعنى ام الرسالة ام التجرؤ على الرجل ورجولته في مجتمع ذكوري ام من انفكت عقدة لسانها فأرادت الثأر لكل لمرأة اهينت لانها امرأة.

ولكن ان كنت فعلا فقدت حيائي وخجلي وخدشت حياء الاخرين – أين حيائهم ممن يتحرشون بنا في الطرقات بسيء اللفظ والفعل, اين الحياء عندما قاموا بكشوف العذرية علي الناشطات, اين الحياء ممن يتم اغتصابهم جسديا او اغتصاب حقوقهن او ميراثهن, اين الحياء ممن يشاهدون اعمالا تحط من قدر المرأة وصورتها ويدعون بها الفن والابداع وهما منها براء. اين الحياء في زمان اصبحنا نستسهل السباب بلغة اجنبية لاننا نريد الانسلاخ من واقعنا. اين الحياء من كل ما مزق نسيج النساء الشرقيات بين جموح الحريات والتدين حتى ذابت الوسطية في خيط كاد ان يختفي من الوجود.

لقد تشأنا نحن النساء في مجتمع وثقافة تربينا على اشياء حميدة ولكن كان من المغالاة نصيبا كبيرا, فنمشي في الطرقات منكسين الرؤوس, ممنوع ان نقلب وجوهنا في الطريق حتى يستحسن الاخرين ادبنا وحياؤنا حتى ولو كانوا هم اثمين. تربينا الا نرفع الصوت وان ظلمنا.

عجبت لزمان يستقيم الحياء في الظلم وتستغرب الصراحة.

قرأت يوما قولا ماثورا عن الامام علي (عليه السلام) من استحى من قول الحق فهو احمق. كما اني ايضا قرأت ان لا منافاة بين الحياء وقوة القلب وان هناك حياء ممدوح وحياء مذموم. اما الحياء المذموم فهو مذموم في الشرع لانه يحول بين المرء وقول الحق وفعل الخير وقد يصده عن طلب العلم.

لا ادعي ان العبارة محل النقاش هي الحق ذاته فأكون بذلك اذكر حقا يراد به باطلا. انا فقط اريد ان نسمي الامور بمسمياتها ونتخلص من عيشة التنكر للحقائق وتزييفها لمجرد اننا لا نستطيع التعامل مع تداعيات اتخاذ مواقف حازمة وصارمة يمكنها ان تنقذ وتحمي اجيالا كثيرة تأتي من بعد. ولا ادري رب ضرة نافعة!

الحريات لها اسقف وحدود وقوانين يجب ان تحترم. الحريات لسيت طليقة في فضاء معدوم الاخلاق والمباديء والنخوة.
اذا كان انتهاك المرأة حق لرجال افقدتهم حرياتهم المطلقة في مجتمع غير سوي صوابهم – يجب ان يردوا الى صوابهم بالقول او العمل وان تطلب ذلك قليل من الحياء وكثير من الجرأة لاخذ حق.

وان كنت قد خدشت حياء احدهم, استغفر الله لذنبي وتكون حجتي انه يوميا يخدش حيائي في الشارع, وفي التلفزيون, وفي المواقع الاجتماعية الالكترونية , وفي ابسط العلاقات الاجتماعية من سوء فهمنا للحرية – فقدنا احترامنا للكبير والحكيم والعليم وماعدنا نسمع سوى الافواه التي تسقينا ما نريد سماعه.


الأربعاء، ٢ ديسمبر ٢٠٠٩

يزأرون زئير الاسود الجريحة....وما هم بأسود

أهينت كرامتنا وكان الهتاف ردنا ... كفاكم استخفافاً بمشاعرنا وحبنا لهذا الوطن. كفاكم مزايدة على مصر وعلينا
....
أخي المواطن ... لست مصرياً أكثر مني, لست طنياً أكثر مني, لست غاضباً أكثر مني, لست مهاناً أكثر مني , لست ثورياً أكثر مني ولذلك لا تزايد علي بهتافك وزعمك حب الوطن وحدك.
أخي المواطن اعذرني, فهذه رسالة ناعمة ...أعتذر لأن رغم تغير الزمان ... لم نتغير ولن نتغير ولن تتغير نظرتك إلى نعومتي, وستظل متحدياً صلابتي حتى يخر أحدنا صريعاً... وإن كنا قد تغيرنا فلا داعي للتفكير...فنحن جميعاً نتجرع كأس الخيبة, رغم انجازاتنا وتقدمنا بالنسبة للبعض فنحن لم نحقق الكثير. اقول ذلك لأن في مواقف مثل هذه المواقف ستسبقك ذلة لسانك إلى سؤال "وما ادراك أنت بكرة القدم؟"
فأقول لك
استعجب لمن خرجوا منكم مالئين شوارع المدنية بالهتاف والصراخ صابغين الأرض حمرة متوعدين الأخرين بالهزيمة النكراء... ويأتي الميعاد ونخسر ونُهزم ونُهان ... ثم قمنا بإعلان حدادنا على هزيمتنا كأننا فوجئنا بهزيمتنا ومهانتنا وبغض البعض لنا...فملأنا الارض زئيراً وهتافاً وبكاءاً كما الأطفال وكأن تنقصنا مهانة, رحنا نستزيد من ضعفنا ببكاء رجالنا...
أخي المواطن ألم تعلم أننا كنا نهان منذ زمن بعيد, ألم تعلم أن الجرح ليس بجديد, ألم تعلم أننا كنا نعاني وننزف آلام جرح الدعس على الكرامة ... ولم يدعسها الغريب فقط, بل جاءت من أشد الأقرباء الينا ...جاءت من من يتلحفون بسماء بلادك ويتمتعون بنفس سمرة بشرتك , ويجري في عروقهم دماء هي دماؤك. ولكن أين أنت وأين كنت؟ لا أحد يدري!
تركت كل مجالات التميز والنجاح ودوماً انت لاهث وراء أحلام غير منطقي انت في طرق تحقيقها ... ليس من حق أحد ان يلومك على هذا وإنما أين أنت من واجباتك كمواطن؟ أين حماسك الخلاب هذا الذي نراه هادماً لكل ذل من شدة إرادتك. أنا لا أقلل من ألمك ولا أسرق منك شعورك بالمهانة ولكن الغريب أن على مدار السنوات الماضية لم يستوقفك موقف ذل لأهل بلدك...كثرت المواقف وعمت الفوضى والمهانة ... ولم يغضبك سوى ما حدث من الجزائريين, تاركاً تاريخاً طويلاً من العذاب. أحترم غضبك واستنفارك لكرامتك ولكن عجبت من مواقفك ... وإن كنت شديد الوطنية هكذا وشغف الحب لوطنك هكذا ويداك تنفض التراب عن العلم مجدداً ...لماذا أنت غائباً طول الوقت؟
هل تعلم أن المصريين يهانون في كل شبر من الأرض...أين أنت من جلد المصريين في السعودية وإعدامهم في ليبيا وسوء معاملتهم في الكويت وطردهم من قطر وسوء حالهم في الأردن وغيرها....أين كنت عندما ضاع المئات في البحر من غرق العبارة ومات الألاف من صدامات القطارات والتحرش الجنسي ببنات بلدك؟ أين أنت من الفساد وضياع الحقوق وعدم احترام النظام؟ أين أنت من البطالة ورغبتك في ان تصبح بلادك أفضل البلاد؟ لماذا لم أعد أراك القدوة؟ لماذا لا أراك غاضباً في ضياع حقوقك؟ لماذا لا أراك تبكي من موت إخوانك المصريين وضياعهم هباءاً ولم أراك مُستنفراً وشاحذاً قواك من أجل الإصلاح؟ لماذا لا أراك صادقاً ودافئاً وعالياً
أخي المواطن ارجو منك ان تعد الى وطنك عودة حقيقية